[٢] تعريف السنام والجهاد بيّن العلماء المقصود بالسنام والجهاد، وتفصيل ذلك على النحو الآتي: تعريف السنام لغةً: هو مفرد أسمنة، وهي كتلة من الشّحم محدّبة، تكون على ظهر البعير والناقة، والسنام من كلّ شيء أعلاه. [٣] تعريف الجهاد لغةً: يُقال الجهاد للأرض المستوية، ويُقال لبذل الوسع والجهد، ووضع الطاقة من قولٍ أو عملٍ، ويأتي الجهاد بمعنى القتال، أو الكفاح. [٤] تعريف الجهاد اصطلاحاً: يتعدّد تعريف الجهاد عند العلماء، والجميع اتّفق على أنّ الجهاد هو قتال المسلمين للكفار، بعد تخييرهم بين الدخول في دين الإسلام، أو دفع الجزية ، فمن امتنع عن ذلك شُرع حينئذٍ الجهاد، وكذلك فإنّ من الجهاد دفع أي اعتداء من الكفار على أرض الإسلام، وذلك إعلاء لكلمة الله -تعالى- وابتغاء مرضاته، وعرّف الحنفية الجهاد بأنّه: بذل الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله عزّ وجلّ؛ بالنفس، والمال، واللسان، أو غير ذلك، والدعوة إلى الدين الحقّ، وقتال مَن لم يقبله، وكذلك عرّفه المالكيّة أنّه: قتال مسلم كافراً غير ذي عهد؛ لإعلاء كلمة الله تعالى، وكان تعريف الشافعية والحنابلة قريباً من ذلك.
وشرائع الإسلام كلّها عظيمة، أعظمها بعد الشهادتين: الصّلاة، الصّلوات الخمس، والجهاد جاء في الحديث أنّه ذروة سنام الإسلام، ﴿هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ*تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ*يَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡ﴾: هذه هي الثمرة، ﴿يَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡ وَيُدۡخِلۡكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ﴾ [الصف:12] ، هذا هو الثواب الأخروي العظيم. وهنا ثواب عاجل؛ ألا وهو: النّصر والفتح في الدّنيا، فالمجاهدون إذا صدقوا: نصرهم الله، ﴿إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ﴾ [محمد:7]، وفتح عليهم، ﴿وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الصف: 13].
ذروة سنام الاسلام هو الجهاد، وهذا هو الوصف الذي وصفه به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث شريف، وقد امر الله المسلمين بقتال من يقاتلونهم صراحة في قوله عز وجل: " قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ". حديث النبي عن ذروة سنام الإسلام كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- جالساً يوماً مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فطلب إليه أن يعلّمه أمراً جديداً في دينه، فذكر له رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مجموعةً من الوصايا النبويّة، ثمّ قال له: (ألا أخبرُكَ بِرَأسِ الأَمرِ كلِّهِ وعمودِهِ، وذِروةِ سَنامِهِ؟ قلتُ: بلى يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصَّلاةُ، وذروةُ سَنامِهِ الجهادُ). في هذا الحديث وضح النبي صلى الله عليه وسلم أن ذروة سنام الإسلام هي الجهاد في سبيل الله ، والسنام هو أعلى جزء في جسم الجمل، وقد اختار النبي الجمل كمثال لأنه أشهر حيوانات شبه الجزيرة العربية، فيصل المعنى المقصود اسهل واسرع إلى الناس عندا يضرب لهم المثل بالجمل. آيات قرآنية تحث على الجهاد أمر الله المسلمين في اكثر من موضع في القرآن الكريم بالجهاد في سببيل الله، وقتال المشركين، ورد المعتدين، ومن هذه الآيات قوله عز وجل في سورة الفرقان: " فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرا"، كما قال أيضا: " قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ"، ويقول في سورة التحريم: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ".