على هذا، العبارة لا تخاطب المسافر، بل تختص ببداية الآية الأولى حتى نهاية الثانية، وغني عن القول بان الصيام حصن من العذاب والنار، وبالصوم تطفئ نيران جهنم وعلى كل شخص الصوم في الفترة المحددة له. بهذا عرفنا دلالة الآية على ضرورة الإفطار، أما الآن ننتقل إلى الروايات التي نقلت عن النبي الأكرم حول الصوم في السفر. تدل الروايات النبوية على ان النبي كان يعد الصوم في السفر ذنباً ويعد الصائمين مذنبين كما جاء: روى الإمام مسلم في صحيحه: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضي الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ «أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ». وروى ابن ماجة، عن عبد الرحمن بن عوف بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الصائم في رمضان في السفر، كالمفطر في الحضر. وقال البخاري في الصحيح حدثنا محمد بن عبد الرحمن الأنصاري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه فقال ما هذا فقالوا صائم فقال ليس من البر الصوم في السفر.
هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، القدوة الحسنة الذى نحتفل هذه الأيام بيوم مولده فلتكن فرصة للاقتداء به في تواضعه وبساطته وتبسمه.
[٤] [٥] حُكم الإفطار في السفر أباح الله -تعالى- للمسلم الإفطار في شهر رمضان ؛ لأعذار عديدة، ومنها السفر، ويُعرَّف السفر في اللغة بأنّه: الخروج والانتقال، وتترتّب فيه على الإنسان تكاليفَ عدّة، كتجهيز مؤنةٍ للسفر، ويظهر فيه بُعدٌ في المسافة إلى المكان المراد الوصول إليه، ويُشار إلى أنّ السفر الذي يُباح للصائم فيه الفطر هو السفر البعيد الذي يصحّ فيه للمسافر قَصر الصلاة الرباعية، وتُقدَّر هذه المسافة بما يُقارب تسعةً وثمانين كيلومتراً. [٦] أحكام الإفطار أثناء السفر هل الإفطار أفضل للمسافر أم الصوم عدّدت آراء أهل العلم في مسألة تفضيل الفطر أم الصوم في السّفر، أم أنّ أنّهما في درجة واحدةٍ؛ فلا تفضيل لأحدهما على الآخر، وخلاصة الآراء في المسألة على النحو الآتي: [٧] الصوم أفضل: ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ الصوم أفضل للمسافر، بشرط أن لا يُتعبه الصوم، أو يُضعف بدنَه، وصرَّح الحنفية، والشافعية بأنّ حُكم صيام المسافر هو النُّدب، وقيَّد بعض الحنفية أفضليّة الصوم بشرط أن لا يكون عامّة الناس الذين يسافر معهم مُفطرين، وأن لا يكون المسافر مُشتركاً مع غيره في تكاليف السفر ونفقاته. الفطر أفضل: ذهب الحنابلة إلى أنّ الفطر في السفر هو الأفضل، واستحبّ الإمام الخرقيّ الفطر للمسافر الذي يسافر مسافةً يُباح فيها قصر الصلاة، وذهب الحنابلة أيضاً إلى أنّ صيام المسافر مكروه، حتى وإن لم يجد مَشقّةً في الصوم أثناء السفر.